درس الاجتهاد والتجديد | للسنة الثانية باكالوريا
درس الاجتهاد والتجديد | للسنة الثانية باكالوريا |
⏪النصوص المؤطرة للدرس:
النص الأول:قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَمِنَ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾. [سورة التوبة، الآية: 122]
النص الثاني:
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ». [صحيح البخاري، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة]
⏪توثيق النصوص والتعريف بها:
🔺التعريف بسـورة التوبة:سـورة التوبة: مدنية ماعدا الآيتان 182 و129 فمكيتان، وعدد آياتها 129 آية، ترتيبها 9 في المصحف الشريف، نزلت بعد “سورة المائدة”، سميت بهذا الاسم لما فيها من توبة الله على النبي ﷺ والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة، وعلى الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك، وهي تعنى بجانب التشريع، لهذه السورة الكريمة هدفان أساسيان، هما: بيان القانون الإسلامي في معاملة المشركين وأهل الكتاب، وإظهار ما كانت عليه النفوس حينما استنفرهم الرسول ﷺ لغزو الروم.
🔺التعريف بعمرو بن العاص:
عمرو بن العاص: هو عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، كان يُكنى بأبي عبد الله، ولد في مكة سنة خمسين قبل الهجرة، وقد كان من زعماء قريش، أرسلته قريش قبل إسلامه إلى الحبشة ليطلب من النجاشي تسليمه المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة فرارا من الكفار بدينهم، أعلن إسلامه في العام الثامن للهجرة مع كل من خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، كان ابن العاص مجاهدا وبطلا، لقب “بداهية العرب” لما عرف عنه من حسن تصرف وذكاء، وبعد إسلامه فتح مصر بعد أن قهر الروم وأصبح واليا عليها بعد أن عينه عمر بن الخطاب، توفي سنة 43 هـ.
⏪ نشاط الفهم وشرح المفردات:
🔺قاموس المفاهيم الأساسية:لينفروا: ليخرجوا لطلب العلم.
طائفة: فئة واحدة منهم.
حكم: أصدر حكما، قضى.
🔺مضامين النصوص الأساسية:
➲ بيانه تعالى لشروط المجتهد المتمثلة في طلب العلم، والتفقه في الدين، والعمل على تبليغه، واعتباره من فروض الكفاية.
➲ بيانه ﷺ جزاء المجتهد المصيب عند الله أجران، أجر الاجتهاد وأجر إصابة الحق، وجزاء المجتهد المخطئ أجر واحد هو أجر اجتهاده.
⏪مفهوم الاجتهاد والتجديد والعلاقة بينهما:
🔺مفهوم الاجتهاد والتجديد:أ – مفهوم الاجتهاد:
الاجتهاد: لغة: مصدر من فعل اجتهد، بمعنى بذل وسعه ونهاية طاقته في تحصيل المطلوب، واصطلاحا: بذل الفقيه المجتهد الوسع في تحصيل العلم بالحكم الشرعي (واجب، مندوب، مباح …) من مصادره المقررة، وباعتباره ممارسة فهو البحث في الدليل لاستفادة الحكم منه.
ب – مفهوم التجديد:
التجديد: لغة: إعادة الشيء إلى سيرته الأولى، أي تصييره جديدا، واصطلاحا: يطلق على معنيين:
➲إحياء التدين في نفوس الناس.
➲الاجتهاد في مواكبة قضايا العصر والانفتاح عليها، بتنزيل الأحكام الشرعية عليها.
🔺العلاقة بين الاجتهاد والتجديد:
من أهم الخصائص التي تميز الشريعة الإسلامية عن غيرها، خاصية المرونة والشمول وصلاحيتها لكل زمان ومكان، والهدف منها مواكبة الأحداث والوقائع التي لا تنحصر، وتتجدد بتجدد الزمان والمكان، ففتح الإسلام باب الاجتهاد أمام العلماء في المسائل التي لم يذكر فيها نص شرعي قطعي؛ قصد تجديد هذا الدين والتصدي لجميع النوازل والقضايا المستجدة ببيان حكمها الشرعي، فالعلاقة إذا بينهما هي علاقة تكامل وترابط وتوافق.
⏪الاجتهاد: مجالاته وضوابطه وشروط المجتهد:
🔺مجالات الاجتهاد:إن مجال الاجتهاد يتسع ليشمل جميع نواحي الحياة المعاصرة دون استثناء، غير أنه يمكننا وضع الاجتهاد المعرفي على رأس الأولويات حاليا؛ نظرا لاشتداد الحاجة إليه أكثر خاصة مع تغير أنماط العيش وظهور اكتشافات علمية ومعرفية لم يكن لها مثيل في تاريخ البشرية على امتداد الحقب السابقة كلها، لذا أصبح لزاما على المسلمين بذل ما في وسعهم وطاقتهم للحاق بركب هذه الثورة العلمية الباذخة، ولن يتأت ذلك إلا بتعليم جيد ومناهج أجود تذكي في نفوس الطلاب شغف الاجتهاد والإبداع مع توفير مراكز حاضنة لأهل النباهة والنباغة.
🔺ضوابط الاجتهاد:
وضع العلماء جملة من الضوابط لممارسة عملية الاجتهاد، منها:
➲القراءة باسم الله عز وجل، وذلك من خلال الجمع بين النظر والتأمل في الكتاب المسطور والكتاب المنظور.
➲ألا يصطدم الاجتهاد بأصل من أصول الشريعة، أو قاعدة من قواعدها المجمع عليها.
➲اعتبار البحث العلمي عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل.
➲استحضار وحدانية الخالق الذي أنزل القرآن وخلق الأكوان، إذ ينبغي توجيه الأبحاث في الاتجاه الذي يؤكد وحدانية الله تعالى، ويبرز حكمته.
🔺شروط المجتهد:
ليحقق المجتهد المجدد أهداف اجتهاده وتجديده، لابد من توفر الشروط التالية:
➲فقه الشرع: ويشمل العلم بالوحي وعلومه، والتمكن من اللغة وعلومها، العلم بالقرآن الكريم والسنة النبوية وعلومهما، ومعرفة المسائل التي أجمع عليها العلماء، وضبط علم أصول الفقه ومقاصد الشريعة الإسلامية …
➲فقه الواقع: ويقصد به استيعاب واقع الناس الاجتماعي، والثقافي، والسياسي …، استيعابا دقيقا ومفصلا داخل العالم الإسلامي وخارجه، وذلك ليكون على علم بما جد من قضايا وفق مقاصد الشريعة السمحة، ومن الصعب إلمام مجتهد مجدد واحد يجمع ما سبق من معارف وعلوم، لذا فالأمر يتطلب اجتهادا جماعيا.
➲فقه التنزيل: أي تنزيل الحكم المناسب على الواقعة المناسبة بما يحقق مقصد الشريعة منه، إذ هو آفة المسلمين اليوم، حينما لا يحسنون هذا الفقه وينزلون أحكاما في غير سياقها، ولا مراعاة لمقاصدها ومآلاتها.
⏪الحاجة إلى تجديد الدين وضرورة الاجتهاد
الحاجة إلى الاجتهاد لازمة، ووجوده ضروري في كل عصر وزمان، لأنه عنصر حيوي من عناصر بقاء الشريعة الإسلامية وخلودها، وهو سر مرونتها وصلاحيتها لكل زمان ومكان، ويمكن حصر الحاجة للاجتهاد من خلال سببين مباشرين:➤➤ظنية أغلب النصوص من جهة دلالتها على المعنى المراد، حيث تحتمل أكثر من معنى وأكثر من وجه، وهذا غاية في مظاهر رحمته تعالى بنا، فالمسائل الفرعية محل نظر واجتهاد وتيسير على الأمة.
➤➤أن النصوص محصورة والوقائع والحوادث غير محصورة، ذلك أن النصوص الحاكمة للتشريع حصرت بوفاة محمد ﷺ، وما يحدث للناس من قضايا ونوازل مستمرة، وليس فيها نص خاص …، فكانت الحاجة إلى الاجتهاد ضرورة ملحة، حتى يتحقق مضمون قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ﴾.
تعليقات
إرسال تعليق